الصحة والبيئة// الدوائية.. بقلم/ أ.د. سامي البوعاني:
لم يعُد توفير الدواء من الأولويات الهامة للكثير من الدول فقط، بل أصبح العالم اليوم يتحدث عن الأمن الدوائي وتوفر الدواء والمواد الأولية التي تحتاجها الصناعة الدوائية المحلية بكميات كافية تمتد لسنوات كضرورة ملحّة لكل الدول التي تؤمن بأهمية الفرد وحقّه في الحياة.
فالدواء الذي لا يقل أهمية عن الغذاء بالنسبة للفرد يعد مؤشراً حقيقياً لنجاح الحكومات وفشلها في تأمين الحاجات الأساسية وتحقيق الرفاء الاجتماعي للفرد، ومما يدعو للتفاؤل اهتمام القيادة السياسية هذه الأيام بالأمن الدوائي ودعم الصناعة المحلية ومحاولة إيجاد الحلول للاختلالات التي يعاني منها سوق الدواء في اليمن برغم الحرب الحصار، غير أن الأمن الدوائي لا يمكن له أن يتحقق دون تضافر جميع الجهود وتكاملها.
صحيح أن الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية معنية في المقام الأول برسم السياسات الدوائية وتفعيل دورها الرقابي بما يخدم نجاح تلك السياسات, وصحيح أيضاً أن الحكومة معنية بدعم البحوث الدوائية وإنشاء المراكز المتخصصة والبنية التحتية التي تهيئ لدعم الصناعة المحلية إلا أن مسؤولية تحقيق الأمن الدوائي تقع على عاتق مستوردي ومصنعي الأدوية أيضاً, فالتعامل مع شركات الأدوية العالمية والمصنعة للمواد الخام يجب أن يكون على أساس الجودة والسعر المناسب, كما أن نقل الأدوية والمواد الخام وتخزينها وتوزيعها يجب أن يتم وفق الضوابط والشروط التي تضمن فاعلية الدواء ومأمونيته, وتقديم منتج محلي ذات جودة عالية ينافس الأدوية العالمية يجب أن يكون الهدف الأساس للمصنعين المحليين, ولا ننسى هنا أن نؤكد على ضرورة الاستثمار وتوظيف رؤوس الأموال لدعم الصناعة الدوائية المحلية التي تعد الخطوة الأولى والأهم للوصول للأمن الدوائي.
وبهذه المناسبة فإن الهيئة العليا للأدوية تقوم الآن بالتشاور مع الأخوة مصنعي الأدوية لوضع آلية تمنح المصانع المحلية الحق الحصري لصناعة مجموعة من الأدوية ومنع استيرادها من الخارج, كما أن المسؤولية تقع أيضا على عاتق الأطباء والصيادلة والمواطنين على حد سواء, فالتوجه نحو دعم الصناعة المحلية والوصول لمرحلة الاكتفاء الذاتي والأمن الدوائي يستدعي ثقة المواطن بجودة الدواء المحلي ويستلزم وصف وتشجيع الأطباء للأدوية المحلية وصرفها من قبل الصيادلة كبديل مهم للأدوية التي يتم استيرادها والامتناع عن التعامل مع الأدوية المهربة التي قد تكلف المريض حياته.
مدير عام الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية
إرسال تعليق